سورة الطارق - تفسير تفسير الزمخشري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الطارق)


        


{إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (8) يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ (9) فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ (10)}
{إِنَّهُ} الضمير للخالق، لدلالة (خلق) عليه. ومعناه: إنّ ذلك الذي خلق الإنسان ابتداء من نطفه {على رَجْعِهِ} على إعادته خصوصاً {لَقَادِرٌ} لبين القدرة لا يلتاث عليه ولا يعجز عنه. كقوله: إنني لفقير {يَوْمَ تبلى} منصوب برجعه؛ ومن جعل الضمير في {رَجْعِهِ} وفسره برجعه إلى مخرجه من الصلب والترائب أو الإحليل. أو إلى الحالة الأولى نصب الظرف بمضمر {السرائر} ما أسرّ في القلوب من العقائد والنيات وغيرها، وما أخفى من الأعمال وبلاؤها. تعرّفها وتصفحها، والتمييز بين ما طاب منها وما خبث وعن الحسن أنه سمع رجلاً ينشد:
سَيَبْقَى لَهَا في مُضْمَرِ الْقَلْبِ وَالْحَشَا *** سَرِيرَةُ وُدٍّ يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ
فقال: ما أغفله عما في {والسماء والطارق (1)} {فَمَا لَهُ} فما للإنسان {مِن قُوَّةٍ} من منعة في نفسه يمتنع بها {وَلاَ نَاصِرٍ} ولا مانع يمنعه.


{وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11) وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ (12) إِنَّهُ لَقَوْلٌ فَصْلٌ (13) وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ (14)}
سمي المطر رجعاً، كما سمي أوباً قال:
رَبَّاءُ شَمَّاءُ لاَ يَأْوِي لِقُلتِهَا *** إلاَّ السَّحَابُ وَإلاَّ الأوْبُ والسَّبلُ
تسمية بمصدري: رجع، وآب؛ وذلك أنّ العرب كانوا يزعمون أنّ السحاب يحمل الماء من بحار الأرض، ثم يرجعه إلى الأرض. أو أرادوا التفاؤل فسموه رجعاً. وأوبا، ليرجع ويؤب. وقيل: لأنّ الله يرجعه وقتاً فوقتاً. قالت الخنساء: كالرجع في المدجنة السارية. والصدع: ما يتصدّع عنه الأرض من النبات {إِنَّهُ} الضمير للقرآن {فَصْلٌ} فاصل بين الحق والباطل، كما قيل له فرقان {وَمَا هوَ بالهزل (14)} يعني أنه جدّ كله لا هوادة فيه. ومن حقه وقد وصفه الله بذلك أن يكون مهيباً في الصدور، معظماً في القلوب، يترفع به قارئه وسامعه وأن يلم بهزل أو يتفكه بمزاح، وأن يلقى ذهنه إلى أنّ جبار السموات يخاطبه فيأمره وينهاه، ويعده وبوعده، حتى إن لم يستفزه الخوف ولم تتبالغ فيه الخشية، فأدنى أمره أن يكون جادّا غير هازل، فقد نعى الله ذلك على المشركين في قوله: {وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ وَأَنتُمْ سامدون} [النجم: 60 61]، {والغوا فِيهِ} [فصلت: 26].


{إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (15) وَأَكِيدُ كَيْدًا (16) فَمَهِّلِ الْكَافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْدًا (17)}
{إِنَّهُمْ} يعني أهل مكة يعملون المكايد في إبطال أمر الله وإطفاء نور الحق، وأنا أقابلهم بكيدي: من استدراجي لهم وانتظاري بهم الميقات الذي وقته للانتصار منهم {فَمَهِّلِ الكافرين} يعني لا تدع بهلاكهم ولا تستعجل به {أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً} أي إمهالا يسيراً؛ وكرّر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين منه والتصبير.
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قرأ سورة الطارق أعطاه الله بعدد كل نجم في السماء عشر حسنات».

1 | 2